فارس القرآن" في الجزائر.. أمازيغي

"فارس القرآن" في الجزائر.. أمازيغي

"ورتِّل القرآن ترتيلاً"

كان الصوت يملأ جنبات المسرح نديا، مما أثار شجن الكثير من الحضور والمتفرجين الذين تابعوا الحلقة الأخيرة بالتلفزيون الجزائري في سهرة الجمعة 26/9/2008م من النسخة الأولى لبرنامج "فرسان القرآن"؛ حيث تم الكشف عن هوية الطالب الحاصل على المركز الأول في المسابقة التي نظمها البرنامج أو "فارس القرآن"، والتي آلت إلى ياسين إعمران من ولاية تيزي وزو الواقعة في منطقة القبائل.

وحضر حفل اختتام هذا البرنامج -الذي لقي رواجا كبيرا لدى المشاهدين الجزائريين، سواء داخل البلاد، أو في أوساط مشاهدي الفضائية الجزائرية في البلدان العربية والمهجر- عددٌ من الوزراء في مقدمتهم وزير الدولة ورئيس الحكومة السابق عبد العزيز بلخادم الذي أعطى إشارة انطلاقة البرنامج في 22 مايو الماضي بساحة الشهداء في قلب العاصمة.

طالع:
تتبع الأصوات العذبة.. سمة تراويح الجزائر

واقتضى نظام المنافسة اعتلاء المتنافسين في الدور النهائي، وهم الطالب ياسين إعمران (18 سنة)، والإمام عبد الفتاح حميداتو (33 سنة)، للمنصة ثلاث مرات من أجل تلاوة آيات من الذكر على مسامع الحاضرين، وتحت أنظار لجنة التحكيم المكونة من ثلاثة أساتذة مختصين في القراءات وعلوم القرآن الكريم.

"فارس القرآن"

ووجدت لجنة التحكيم نفسها في حيرةٍ كبيرةٍ؛ حيث أجمع أعضاؤها بأن التلاوات المقدمة من قبل المتنافسَيْن متساوية الجودة، غير أن اللجنة في نهاية المطاف قررت منح الطالب الشاب ياسين إعمران لقب "فارس القرآن".

وفور إعلان النتيجة عمت بيت ياسين إعمران فرحة كبيرة، وكان التليفزيون الجزائري متواجدا في بيت الفائز الكائن بحي باش جراح الشعبي وقت إعلان النتيجة لنقل مشاعر فرحة الأهل بفوز نجلهم.

وفاز إعمران بشقةٍ تقع في مقر سكناه ورحلة حج مجانية، بينما حصل عبد الفتاح حميداتو وهو مدرس من ولاية الوادي الواقعة في جنوب الجزائر على جائزة مالية قدرها مليوني دينار جزائري (33600 دولار)، أما بقية الطلبة الذين شاركوا في التصفيات النهائية للبرنامج فقد كُرموا بجائزةٍ ماليةٍ قدرها مليون دينار جزائري (16800 دولار).

وكان مقدم ومعد البرنامج سليمان بخليلي قد صرح في وقتٍ سابقٍ بأن التلفزيون الجزائري هو من أخذ على عاتقه تمويل البرنامج "حفاظا على قداسة القرآن الكريم"، ومن المنتظر أنْ تُسلم الجوائز للفائزين في 24 أكتوبر المقبل في احتفاليةٍ بساحة الشهداء.

كما منح بخليلي لقب "فارس القرآن" الشرفي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، للجهود التي قدمها في مجال الاعتناء بالقرآن الكريم وعلومه، والرعاية التي يقدمها باستمرار لحفظة كتاب الله.

وشارك في حفل اختتام البرنامج عددٌ من الشخصيات الدينية والثقافية المعروفة في الجزائر، من أبرزها الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والشيخ أيمن رشدي سويد المستشار بالهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي.

كما حضر الحفل الذي احتضنه "قصر الثقافة" الواقع في ضواحي العاصمة، باقي المرشحين الذين خرجوا من الأدوار الأولى للمسابقة، التي شرع التلفزيون الجزائري في بثها بدءا من أول جمعة من شهر رمضان المبارك.

ردا على التنصير

وينحدر "فارس القرآن" ياسين إعمران من عائلة ذات أصولٍ أمازيغيةٍ، استقرت بحي باش جراح الشعبي جنوبي العاصمة، بعدما قدمت من منطقة سيدي نعمان الواقعة في إقليم تيزي وزو، وبدأ حفظ القرآن الكريم في التسعينيات على يد الشيخ عبد الرشيد منصوري إمام مسجد "أبو عبيدة" الكائن في الحي الذي يقطنه، كما تعلم أحكام التجويد وعلومه على يد الشيخ عبد الله كشاوي.

وحفظ إعمران 50 حزبا على أن يُواصل حفظ العشرة أحزاب المتبقية في الأيام المقبلة، بعدما حال تحضيره لاجتياز امتحان شهادة البكالوريا السنة الماضية في شعبة الآداب والفلسفة دون اختتامه للقرآن، وإعمران يدرس حاليا في الصف الأول بكلية الحقوق والعلوم الإدارية في بن عكنون.

وعن سبب اختياره تمثيل ولاية تيزي وزو في مسابقة "فرسان القرآن" رغم أنه يقيم بالجزائر العاصمة، قال إعمران في تصريحات نقلتها صحيفة (الخبر) الجزائرية إنه "يسعى باختياره هذا للوقوف في وجه المسيئين للإسلام ولشخص الرسول الكريم، علاوة على الرد على من يتهم الولاية بأنها معقل حملات التنصير المتصاعدة؛ ليثبت أنها معقل من معاقل نشر الدين الإسلامي".

وتشهد منطقة القبائل بحسب تقارير صحفية جزائرية في السنوات الأخيرة حملات تنصير منظمة تستهدف بالدرجة الأولى شباب المنطقة، الأمر الذي دفع السلطات عام 2006م إلى إصدار قانونٍ جديدٍ يخص ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، الذي تم بموجبه إغلاق عدد من الكنائس التي ثبت تورطها في أنشطة تنصيرية في المنطقة.

وسبق للمتنافسين الـ16 الذين وصلوا إلى المربع ما قبل الأخير -من بين 15 ألف مرشحٍ شاركوا من التصفيات التمهيدية- أن زاروا ثلاثة دول عربية وهي تونس، والمغرب، ومصر؛ حيث قاموا بزيارة أهم المعالم الدينية والتاريخية الموجودة في تلك الدول، ومن أشهرها، جامع الزيتونة في تونس وجامع القرويين في المغرب والجامع الأزهر في مصر.

وعرفت المسابقة مشاركة عددٍ من الحافظات لكتاب الله، غير أنهن لم ينجحنَ في التأهل للأدوار النهائية، وهذه المشاركة التي وصفت بـ"المكثفة" من جانب العنصر النسوي جعلت القائمين على البرنامج يفكرون في تنظيم مسابقة خاصة بالنساء مستقبلا.
عبد الرحمن أبو رومي